الأمة اللبنانية : حقيقة اجتماعية

بقلم المؤرخ الكبير جواد بولس

نشرت في الفصول اللبنانية / العدد 14- 1984

الأمة، في المعنى الحيث، هي حصيلة التاريخ… هي التجمع البشري الاكثر تطورا والاكمل تنظيما اجتماعيا. انها خاتمة سلسلة طويلة من التحولات التطورية، ذات المراحل المتعاقبة التالية: الأسرة، العشيرة العيلية، القبيلة، المدينة، الشعب والامة. وككل شيء بشري، عرف هذا التطور التاريخي مراحل من التقدم والجمود والانحطاط والتقهقر.
الأمة هي شراكة شعوب مختلفة في دولة معينة، وهذه الشراكة هي متجانسة نوعا ما. هذه الشراكة عن رضى وقبول تحددها ارادة العيش والتعاون المشترك في الصراع من أجل الحياة. العنصر الأساسي الذي يحث على هذا الاتحاد هو حاجة الفرد، في صراعه من أجل البقاء والدفاع عن نفسه، الى التعاون مع هؤلاء المعاصرين له الذين تتسل بهم ظروف حياته.
عناصر أخرى واحداث تسهم في خلق الارادة المشتركة من أجل الحياة. هذه العناصر ليست بالضرورة متشابها كلها، وليست متشابهة أينما كان، لكننا نستطيع ان نعددها على الشكل التالي: الشعور بالانتماء الى بقعة مشتركة: التشابه في الشكل الخارجي، تقارب معنوي، أخلاق، تقاليد، وعادات أجتماعية متشابهة، ووحدة المصالح والمشاعر والثقافة والذكريات التاريخية التي تتجلى تارة بالقرابة الاتنية وطورا باللغة وحينا بالدين. وتبعا للظروف والأمكنة أو للزمان والمكان فأن واحدا أو أكثر من هذه العناصر قد يترجح على سائرها أو ينقص دون ان تتأثر بذلك الوحدة الوطنية.

وحسب تحديد (رينان) الشهير، الذي اصبح تقليديا اليوم، فالأمة هي (روح، أسرة روحية). انها مكونة من عنصر جوهري هو اساسها ولحمتها وسداها. أنه ارادة العيش المشترك المتجلي عند الشعوب التي تتكون منهم، دون اعتبار للدم الذي يجري في عروقهم، والدين الذي يعتنقونه واللغة التي يتكلمون بها والنزاعات التي كانت تفرقهم في الماضي.

الأمة ليست شراكة افراد وحسب، ومجرد جمع للارادات. انها ايضا (مبدأ روحي) يولد المشاعر العليا التي يأتي في رأسها التضامن الاجتماعي أو الشعور الوطني. الأمة، أخيرا، هي (أم روحية)، هي الوطن الذي يوحي بالتضحيات الاكثر نبلا.
Continue reading

صليبا الدويهي من نشأته حتى وفاته

مأخوذة من موقع One Fine Art

في 14 ايلول 1909، وُلد صليبا الدويهي، في إهدن، لذلك سمّاه والده انطانيوس وامه ياسمين فرنجيّة: صليبا، في السابعة من عمره دخل مدرسة «الأخوة المريميين» في زغرتا، وكان ينسخ الصور عن كتبه الدراسيّة، كدليل مبكر على موهبته … تطورّت ريشته بسرعة لافتة، وحمّله البطريرك الحويك رسالة توصية به إلى الفنان حبيب سرور الذي اختبره، فأعجب به، وبدأ تدريسه أصول الرسم (1928)، وبعد أربع سنوات على يد سرور، حصل على منحة رسمية للدراسة في فرنسا سنة 1932، وبعد انتهاء «مرحلته الفرنسية» سافر الدويهي الى ايطاليا …. Continue reading

نشيد الجرحى والمعوقين

 تأليف الاستاذ جورج الياس

نحنا الشهدا الفينا روح           نحنا الجسد الصار شلوح

حملنا الراية من دون هم       وللحرية بنينا صروح

ولما بلادي طلبت دم

صار الجرح ينادي جروح

صار الجرح ينادي جروح

 

بعدا فينا بعدا القدرا                 الله معنا وحب العدرا

مهما الارزة غصنا تشلع       بعدا حرة وروحا خضرا

ولما بلادي طلبت دم

صار الجرح ينادي جروح

صار الجرح ينادي جروح

  

Continue reading

العلامة أسـطفان الدويهـي بطريرك انطاكيـة وسـائـر الـمشرق 1630 – 1704

 

بقلم الأب إيلي حنا

حياته: (المرحلة الأولى)

ولادته ونشأته (1630- 1641)
ولد إسطفان الدويهي في إهدن في عيد القديس إسطفانوس، أوّل الشهداء، من أبوين يتّقيان الله، هما: الشدياق مخايل الدويهي، والحاجة مريم الدويهي. وكان له شقيق واحد يدعى موسى. قبل سرّ العماد المقدّس، في كنيسة مار ماما – إهدن، في 10 آب.

نشأته:
1633- توفي والده، وهو ما يزال في الثالثة من عمره. أرسلته والدته إلى مدرسة القرية ليتعلّم مبادئ اللغتين السريانية والعربية، وليتربّى على أصول الإيمان والأخلاق وممارسة الطقوس البيعيّة. ومنذ نعومة أظفاره ظهرت عليه علامات التفوّق في العلم، وبشائر التقوى والغيرة على بيت الربّ.

دعوته:
1641- دخل سلك الإكليروس. وقبيل ذهابه إلى رومة إقتبل رتبة قصّ الشعر، رمز الكفر بالعالم واتباع المسيح والتكرّس لخدمته.

Continue reading

موجة السورنة وحكم التاريخ

بقلم ادمون الشدياق
شهادتنا

كتبنا في الماضي ونكتب الآن لاظهار كلمة الحق وايماناً منا بأن المعرفة هي منبرالحقيقة ومشعل الحرية وهي الطريق الأصح والأصوب لبناء لبنان قوي مميز تعددي وحضاري.

” وأن كانت الأوطان تبنيها إرادة بنيها، فإن هذه الإرادة لا تنتقل من حالة اللاوعي الى الوعي وحالة الانفعال الى الفعل وحالة الجمود الى الديناميكية إلا بالمعرفة. وقاعدة المعرفة الوطنية، معرفة التراث، لأنها المحرك الأساسي والأقوى للشعور الوطني الصحيح. فهي يقظة الذات على طاقاتها ومصدر ثقتها بنفسها وإيمانها بكيانها”.(1)

” فإن واقع جهل اللبنانيين أو تجاهلهم للتراث اللبناني من جهة، وعملية التجهيل المتعمدة لهذا التراث ومحاولة تشويهه من جهة اخرى، عوامل تؤدي كلها الى تمزيق الوحدة البشرية اللبنانية وبالتالي الى تفتيت الوحدة الجغرافية الطبيعية للبنان والى تغيير هويته”.(2)

Continue reading