فادي عيد
شكلت زيارة رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الى زحلة، محطة مفصلية على طريق حسم لائحة زحلة الانتخابية من جهة، ومن جهة اخرى اكدت على دور القوات اللبنانية المحوري في تشكيل اللوائح في مختلف الدوائر ذات الغالبية المسيحية. وتشير مصادر سياسية مواكبة لمجريات العملية الانتخابية الى ان الاسس التي حددها جعجع في زيارته الى عروس البقاع رسخت ثوابت عدة منها:
1- العناوين السياسية للفريق السياسي الذي يمثله جعجع، ومن خلفه كل مسيحيي 14 آذار، هي عناوين واحدة لا تحتمل اي لبس او تفسير، وهي تشكل خلاصة ما تؤمن به قوى14 آذار وما جسدته ثورة الارز منذ انطلاقتها.
2- شكل الحضور المتنوع لفاعليات 14 آذار المسيحية، والحزبية منها تحديدا، علامة فارقة في ذكرى شهداء زحلة.
فبعد تسريبات السبت حول زيارة الرئيس امين الجميل الى زحلة، بدا واضحا ان البعض كان يحاول الاصطياد في غير المكان الصحيح لافتعال ازمة كتائبية – قواتية غير موجودة اساساً، وهذا ما تجلى في وحدة الصف المشارك في قداس الشهداء بمشاركة النائب الثاني للرئيس امين الجميل الدكتور سليم الصايغ، ومفوض حزب الوطنيين الاحرار في زحلة، والشيخ نديم بشير الجميل، الى مختلف شخصيات 14 آذار في البقاع وفاعليات زحلة.
3- شكل الحشد الشعبي غير المسبوق في تاريخ زحلة في مهرجان سياسي، رسائل مباشرة الى مختلف الاطراف السياسية والحزبية في فريق الثامن من اذار.
وقد اكدت القوات اللبنانية بحسب المصادرنفسها، انها تشكل العصب المسيحي الاقوى والاكثر قدرة على الحشد والتجييش في مختلف الدوائر المسيحية، وهذا ما ادى الى بلبلة في صفوف مسيحيي 8 آذار في زحلة، مما دفعهم الى تبادل الاتهامات الداخلية بالتقصير الذي ادى الى اتساع نفوذ القوات اللبنانية والتأييد الشعبي لها.
4- ادى نجاح الزيارة الى تحريك الحماس لدى عدد من الشخصيات الفاعلة، والتي كانت لم تحسم خيارها بالترشح حتى ما قبل الزيارة، وقد انعكس ذلك في كثافة المواعيد التي طلبتها هذه الشخصيات من جعجع في اثناء اقامته في زحلة، وما بعد ذلك.
وهذا ما عكس لدى مختلف الاطراف اعادة قراءة في الحسابات الانتخابية بعد عرض القوة القواتي.
5- شكلت اللقاءات الشعبية التي عقدها جعجع بعد ظهر السبت الفائت وامتدت لساعات طويلة عنصرا مفاجئاً لجميع المراقبين من ابناء المنطقة، خصوصا في ظل الاقبال الكثيف لمختلف فاعليات زحلة والبقاع الاوسط الذين اصرّوا على لقاء جعجع امام عدسات التلفزيون وكاميرات المصورين، في ما يشير الى حسم خياراتهم قبل شهرين من الانتخابات النيابية المقررة.
وتلفت المصادر نفسها الى اهمية اللقاء الذي جمع جعجع براعي ابرشية زحلة والفرزل للروم الملكيين الكاثوليك المطران اندريه حداد في مقر المطرانية في زحلة في لقاء اتسم بكثير من الود والنظرة المشتركة الى مختلف القضايا السياسية والوطنية المطروحة.
وقد اكد جعجع على الدور الريادي لطائفة الروم الكاثوليك في لبنان عموما وفي زحلة خصوصا، وانخراط ابناء الطائفة في معركة الاستقلال الثاني، وقد ابدى جعجع اسفه لان يكون لبعض من يحمل ارث عائلات كاثوليكية عريقة انقلب على تاريخ عائلاته في الخط التبعي الذي لا يقيم للسيادة اعتبارا.
وكشفت المصادر ذاتها عن رسائل وتنبيهات تلقاها جعجع خلال اقامته في زحلة، عن خطورة الخطوة التي اقدم عليها لناحية تجاوز بعض «الخطوط الحمر» بزيارته زحلة عروس البقاع والاقامة فيها لاكثر من يوم في هذه المنطقة التي تعتبر وفق النظام الامني السابق، امتدادا حيويا للنفوذ السوري المستمر في اكثر من منطقة بقاعية.
ولذلك تحتم المصادر بالتأكيد على ان اهمية زيارة جعجع الى زحلة تخطت الحسابات الانتخابية المباشرة لتصل الى جوهر قضية اعادة منطقة مسيحية بكاملها الى احضان الحرية، بعدما ارادوها لاوان طويلة خاضعة لاوامر ضباط المخابرات او من ينوب عنهم.
You must be logged in to post a comment.