فيما تسلل الجنرال ميشال عون في “اثنينه” التقليدي لـ”يُنَجّر” تصريحه الأسبوعي، على طريقة “النكّاشة” هذه المرة علّه ينقّر حائط مسيحيي 14 آذار من جهة، محاولاً تصوير الأمور بينه وبين حلف استعادة الوصاية على أنها اتفاقات بين حلفاء يخوضون انتخابات نيابية بصفتهم مرشحين “ملائكيين” من جهة ثانية!!
لأنهم “حلف” البراءة والمحبة الخالصة والتفاني من أجل بعضهم البعض مازالت الأمور “معقّدة” بين “العيماد” وبين “الأستيذ” على حصة المسيحيين في الجنوب، على اعتبار أن الجنرال “يا قبّاري” قد شال الزير من البير وأعاد الحقّ لأصحابه عندما عاد من الدوحة بقانون العام 1960 الانتخابي، هكذا يومها روّج لنفسه، فإذا بالمسيحيين يكتشفون أنه يريد أن يصارع بيروت وعائلاتها المسيحية المعروفة، وابنة الأشرفية وابنة جبران “نايلة تويني” وابن الأشرفية وبكفيا وابن بشير الجميل باللواء أبو جمرا الذي لم يستطع أن يرشحّه في الكفير ليصارع به التنين!!
يتدرّب الجنرال هذه الأيام على لكنة “الأتش” ليضاهي بها “الأستيذ” المتمسّك بمسيحييه في جزين، فلماذا يتنازل لمصلحة حليف سياسي لن يستفيد منه بـ “شعرة” لا بـ “قشّة”!!
ولأن الجنرال يخوض معركته على مختلف المحاور “الكونية” و”المجراتية” ويبدو أن أشدها صعوبة على تخوم محور “مجرّة درب التبانة” في جزين، حيث المواجهة أفقها مسدود التوافق حتى الآن، ولا يبدو أن فتّاحي الأفق قادرون حتى الآن على إقناع حليفهم أو رديفهم رئيس حركة أمل (باعتبار الترشيح الانتخابي) على التضحية بمقعد من أجل لا شيء، فسواد عيون الجنرال ليس كافياً ليتنازل له “الأستيذ” عن مقعد مسيحي واحد، وعلينا أن ننتظر لنعرف إن كان الجنرال فعلاً أعاد التمثيل المسيحي إلى أصحابه أم أن الكلام لا يرفع الجنرال عقيرته إلاّ في وجه المسيحيين ممعناً في تهشيمهم وتمزيق صفوفهم..
ومسيحيو المناطق الواقعة بين فكيّ كماشة حركة أمل وحزب الله هم المحتاجون حقيقة لاستعادة تمثيلهم النيابي، لا أن يظل أصحاب السيطرة على الأرض يختارون عنهم ولهم، إلا أن نظر الجنرال قَصُرَ إلى حدّ لم يعد معه يرى أبعد من حدود مسيحيي الأشرفية ومسيحيي كسروان الذين يستطيعون اختيار من يريدون، ولكن الجنرال مصر عل مصادرة حرية اختيارهم لعقد تفاهماته الطهرانية مع أحلاف الممانعة!!
بعد كل هذا الباع في المناورات السياسية التي يبرع في تفصيلها وتخييطها وفتقها ورتقها الرئيس نبيه بري، لن يفلح “الأستيذ – الجنرال” الذي يتّقن فن “التطبيش” فقط في مجاراة “الأستيذ” الأصلي في مهاراته، أو أن يرفع صوته اعتراضاً واحتجاجاً، فالجنرال بارع فقط في “زرك” تحالفاته في “قوقعات” وهم انتصار يقنع به جمهوره بسهولة فائقة، أتساءل أحياناً لماذا استطاع جمهور الجنرال الانسجام مع جمهور حزب الله، وجدت الإجابة في أنهما يتقاسمان ملمحاً مشتركاً شديد الحدّة، فجمهور الحزب يخلط الديني بالدنيوي ويمشي ببرمجة التكليف الشرعي، وجمهور الجنرال بالـ “البرمجة” الغرائزية، فيصدمك فيه أن المثقف الفاهم والأمي الذي لا يفقه من أمره شيئاً على حد سواء كلاهما يبدأ كلامه بالقول:”الجنرال قال”!!
ثمة مثل معروف عند إخواننا المصريين يقول: “مبروم على مبروم ميلفّش”، ويبدو أن منها اشتقت كلمة “بُرَم” التي تطلق عادة على الذي يظن نفسه فلتة زمانه في الذكاء، وهذا حال الجنرال الذي ادّعى أنه أعاد للمسيحيين حقوقهم، فليتفضل و”يهزّ أكتافه” في جزين، عندها سيكون فعلاً أعاد للمسيحيين مقعداً واحداً في الجنوب من أصل المقاعد التي يفترض أن يختاروا ممثليهم عنها بأنفسهم لا بوحي من حزب الله ولا ببركة حركة أمل!! وبعدها فليستعرض أمامنا هدوءه غير المعتاد الاثنين الماضي بفعل المهدئات الضرورية لتوازن صورته الانتخابية، وبعد مقعد جزين لكل حادث حديث!!
You must be logged in to post a comment.