كعادتهم… يصمت المتأسلمون صمت القبور حين يكون الاعتداء أو القتل أو الاضطهاد على غير المسلمين، لأنهم ببساطة مدّعو التسامح وما هم كذلك، فالتسامح أصل الليبرالية التي يكرهون ويحاربون، والليبرالية تدافع عن الإنسان والأقليات مهما كان الاختلاف، أما هم فلن يحركوا ساكناً على الرغم من ضجيجهم وضوضائهم بادّعاء سوء معاملة الغرب للمسلمين (بالرغم من فرار المسلمين من بلادهم بسبب المظالم وتكدسهم في الديار الليبرالية التي تحترم الإنسان بغض النظر عن الدين أو غيره)، فصمت الضمير وماتت العدالة وأصيبت الرحمة بالشلل حين وقعت الاعتداءات الآثمة المجرمة على المصريين الأقباط المسالمين في نجع حمادي حين أطلق الإرهابيون النار بشكل عشوائي عليهم عشية احتفالهم بعيد الميلاد، لتذبح ثمانية أبرياء وتصيب آخرين بجراح خطيرة.
لم تكن تلك الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة، ففي السنوات الثلاثين الأخيرة عانى الأقباط (كما الأقليات في كثير من بلداننا) اضطهاداً وعنفا طائفياً تعددت أوجهه وتنوعت أحداثه: من حرق للكنائس والمتاجر والمنازل والاعتداءات والقتل، بالإضافة إلى الاستبعاد من بعض المناصب الرئيسة في الجيش والشرطة والقضاء والجامعات، الأمر الذي دفع الأقباط للانعزال والانغلاق واللجوء إلى الكنائس كبديل عن الوطن. وعلاوة على ما يعانونه من تمييز في حقوق المواطنة والمساواة، رغم إقرار الدستور المصري المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات بين المصريين، فالقوانين والإجراءات التي تنظم حقوق بناء المساجد لا تسري على الكنائس ودور العبادة لغير المسلمين، فيقول الدكتور سعد الدين إبراهيم ’بينما لا يحتاج المسلمون إلى تصريح رسمي لبناء مسجد في أي مكان، يحتاج بناء أو حتى ترميم أي كنيسة في مصر إلى مرسوم ’رئاسي’ وهو ما يعني عادة الانتظار عدة سنوات’… فمازال على سبيل المثال أقباط ’منية دوس’ ينتظرون بناء كنيستهم لأكثر من خمسين عاماً.
You must be logged in to post a comment.