
لما كانت سنة 2010 تصادف مرور ألف وستماية سنة على وفاة القديس مارون الناسك والكاهن وأبي كنيستنا المارونيّة، الذي هو “زينة في خورس القديسين الإلهيّين”([1]).
قرّرنا مع مجلس أساقفتنا إعلان هذه السنة سنةً يوبيليّة تبدأ في 9 شباط 2010 عيد أبينا القديس مارون، وتنتهي في 2 آذار 2011، عيد القديس يوحنّا مارون البطريرك الأول، وتكون بعنوان “مار مارون – شهادة إيمان ومسيرة شعب”.
وتهدف هذه السنة اليوبيليّة إلى الصلاة والتفكير والتوبة والعودة إلى التاريخ والتأمّل فيه لأخذ العِبَر وإحياء القيم المارونيّة وتجسيدها من جديد في رسم استراتيجيّة كنيستنا للألفيّة الثالثة.
وكنيستنا المارونيّة، إذ تحيي هذا اليوبيل، فهي تستجيب لمستلزمات ثلاثة: الزمن كبُعدٍ لله، واليوبيل كسنة مكرّسة للرب وقدّيسيه، والمجمع كمحطة من محطات تاريخ كنيستنا “لأنّ الكنيسة لا تعيش إلا مجمعيّاً”([2]).
الزمن في المسيحيّة هو بُعد لله بفعل التجسّد. فهو “تمّ بدخول الله عبر التجسّد في تاريخ الإنسان. الأبديّة دخلت في الزمن: “فهل من إتمام أعظم من هذا؟”([3]). هذا يؤكد أن “للزمن في المسيحيّة شأناً أساسياً”([4])، كما يؤكد أنّ “المسيحيّة ديانة متجذّرة في التاريخ”، لأنّه كما يقول تيار دي شاردان “تلاقى الله بالعالم من خلال شخص يسوع المسيح”. و”من علاقة الله هذه مع الزمن ينشأ واجب تقديس الزمن”([5])، وبالتالي يتمّ تكريس أزمنة لله: أياماً أو أسابيع أو سنوات لأن يسوع المسيح الذي هو سيّد الزمن، “هو هو أمس واليوم.. وإلى الأبد” (عبر: 13/8).
إنّ الاحتفال بسنوات اليوبيل هو أمر عرفه العهد القديم، وتواصل في تاريخ الكنيسة. فسنة اليوبيل هي سنة المسيح الرب المقبولة والمكرّسة لله وقدّيسيه. إنّها سنة المساواة والعدالة والغفران والمصالحة والتوبة، سنة النعمة الخاصة للإنسان وللجماعة. إنّها سنة المحبّة والفرح “لا الفرح الداخلي فقط بل الفرح الذي يظهر في الخارج”([6]).
إنّ المجمع البطريركي الماروني، كما سينودس الأساقفة من أجل لبنان، إنّما يعكسان دور العناية الإلهيّة في التهيئة ليوبيل سنة مار مارون. حتى ليمكن القول إنّ السينودس والمجمع كانا في الحقيقة المدخل لهذا اليوبيل. فهو يوبيل بالغ الأهميّة ليس فقط لدى الموارنة، بل لدى كافة المسيحيّين وغير المسيحيّين في لبنان والمشرق وبلاد الانتشار، نظراً لأصالة الموارنة وموقعهم في مسار الكنيسة الجامعة ودورهم على امتداد 1600 سنة من التاريخ.
فلئن كان المجمع البطريركي الماروني بمثابة “عنصرة الكنيسة المارونيّة”، فإنّ الاحتفال باليوبيل الألف وستماية سنة على وفاة مار مارون، هو بمثابة “ربيع جديد للحياة المارونيّة”. وفي الحالتين “فإنّ كلّ يوبيل في تاريخ الكنيسة هو من تدبير العناية الإلهيّة”([7]) على حدّ قول قداسة البابا يوحنّا بولس الثاني.
… ثلاثة عناوين تطبع هذا اليوبيل يهمّنا أن نتناولها ونشدّد ونؤكّد عليها:
أولاً: ماذا يمثّل لنا مار مارون اليوم؟
ثانياً: ماذا تعني لنا المارونيّة؟
ثالثاً: أية علاقة بين المارونيّة ولبنان الأرض.. والقضيّة!
Continue reading →
Like this:
Like Loading...
You must be logged in to post a comment.