هل تتمكّن “14 آذار” من اللحاق بجعجع؟

geagea-martyrs-mass

كتب فادي عيد في صحيفة “الجمهورية”:

وصف نائب غير مسيحي، من صقور فريق 14 آذار، خطاب رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في الذكرى السنوية لشهدائه بأنه «خريطة طريق» لهذا الفريق، حتى تتوقف «الميوعة» السائدة في صفوفه نتيجة انقسامات وتفرّقات تحوّلت هاجساً لدى البعض، لا سيّما لدى الباحث بينهم عن دور أكبر من حجمه خصوصاً.

وقد لاحظ هذا النائب أنّ من الضروري موافاة جعجع إلى حيث يجب لإعادة هيكلة الحركة الاستقلالية بما يتلاءم وظروف لبنان والمنطقة، فلا تنتهي مفاعيل خطاب “الحكيم”، مع التأييد الشفوي الواسع الذي حصده، ومن دون أي إمكانية لاستثماره عملياً، وبالتالي فإنّ الكرة اليوم هي في ملعب 14 آذار من مستقلين وحزبيين، صقوراً كانوا أم حمائم، ليبادروا إلى مواقف واضحة علنية وفي مجرى الدفق “القواتي” ذاته، تنشيطاً للحركة الآذارية الغارقة في رمال الحركة الصعبة، لأن التاريخ لا يرحم، والحدث الإقليمي لا ينتظر. ولذلك، فإنّ من الطبيعي أن تبادر هذه القيادات إلى ملاقاة “الحكيم”، والإنكباب على مواقف جدّية بعيدة من حسابات تضيق حتى على منطقتها والمنطق.

وسأل النائب البارز أيضاً: ماذا سيفعل البعض المتأخّر عن مواكبة المرحلة، بعدما شكّل له جعجع الحاضنة المناسبة والرافعة الطبيعية لمعادلة ثلاثية يسهل على اللبنانيين جميعاً تسويقها والتقاطها، أي ثلاثية الشعب والدولة والمؤسسات؟

أو ماذا سيفعل “العونيّون” بعد نداء جعجع لهم أن “عودوا إلى الكتاب البرتقالي الذي أخفيتموه منذ سنوات لمصلحة ورقة التفاهم”؟

أو ماذا سيفعل بعض المستقلين الذين لم يتّخذوا حتى الساعة موقفاً من خطاب وصفه أكثر من مرجع بأنه “تاريخي”، ودعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى أن يكون يوم شهداء المقاومة يوم وحدة لبنان؟

أو ماذا ستفعل بكركي أمام الموقف اللاهوتي والناسوتي الحاسم لرئيس حزب “القوات اللبنانية” من قضايا العرب وحركة العرب ووجوب ان يشكّل المسيحيون رأس حربة الثائرين ضد الظالم والظلم؟

أو ماذا سيفعل “حزب الله” في مواجهة العالم برُمّته عبر أسره لبنان في حرب ضد الشعب السوري، كما قال جعجع، هل يستمرّ؟ أم هل يتراجع؟ أم هل يراجع حساباته لمصلحة وحدة لبنان ومستقبل أبنائه وسيادته واقتصاده؟

أسئلة كبيرة أدخلها جعجع أمس الأول الى القاموس السياسي الوطني عموماً، والآذاري خصوصاً، وتتطلّب من كثيرين أن يراجعوا حساباتهم ويتفاعلوا مع حاضنة وطنية قدّمها الرجُل من موقعٍ عالٍ في معراب، جعل حماية الرئاسة الأولى نصب عينيه، وحدّد مواصفات الرئيس المقبل بما لا ينطبق أبداً على بعض المسترئسين، ولا يتطابق مع باحثين عن الموقع، كأنّه مرحلة من مراحل سنّ التقاعد، وليس جهداً أو ثمرة جهد.

على 14 آذار، أكّد النائب البارز، أن تضع نصب عينيها أموراً عدة، أبرزها ثلاثة:

1 – الإسراع إلى خلوة سياسية لأقطابها، تضع خريطة طريق من منطلقات الخطاب “القواتي” الأخير.

2 – موافاة مضمون الخطاب وعدم إغراقه في زواريب ومصالح ضيقة، عبر تحديد الأحجام والأوزان، وعبر العمل لرفع علم 14 آذار، بغضّ النظر عمّن يرفعه، علماً أنّ هذا ساهم في تأخير الحركة الآذارية وخسارتها فرصاً عدة سابقاً، وأبرزها يوم تنافس النائب المرحوم نسيب لحود وزميليه بطرس حرب وروبير غانم على موقع الرئاسة الاولى.

3 – الإستفادة من الدور الحاضن الذي يشكّله رئيس “القوات” وموقعه، خصوصاً في غياب الرئيس سعد الحريري القسري عن لبنان، لتأطير الدور المسيحي الأقوى بالدور السنّي الأقوى، بغية إخراج 14 آذار من عنق زجاجة يكاد يخنقها.

إنّ شعب 14 آذار يتربّص بمن سيضيّع الفرصة “القواتية” عليه هذه المرّة، والأيام المقبلة لا الأسابيع، ختم النائب نفسه، كفيلة بوضع الأمور في النصاب الصحيح أو من جديد… في مهب الريح.