بقلم المؤرخ الكبير جواد بولس
مأخوذة من كتاب “أهمية التاريخ والجغرافيا في نشوء الأمم والشعوب”
أهمية التاريخ العلمي
ان السياسة الرشيدة هي نتيجة الاختبار، وما اختبار الفرد بشيء يذكر بالنسبة لاختبار العديد من الأجيال البشرية التي سبقتنا من هذه الربوع. “فالحقيقة التاريخية هي حقيقة واقعية، لا حقيقة مبنية فقط على الاستنتاج العقلي أو المنطقي أو على الأوهام”. “ان منطق الحياة لا يتوافق دائما ً مع منطق العقل المجرد”.
ان التاريخ هو سياسة الماضي، وسياسة الحاضر هي تاريخ المستقبل. فالعوامل التي تقود الشعوب ماضيا ً وحاضرا ً لم تزل هي هي، بالرغم من كافة التغيرات السطحية التي حصلت هنا وهناك، لأن النفس البشرية لم ولن تتأثر تأثيرا ً عميقا ً، بهذه التغييرات الخارجية. لذلك فالتاريخ سيظل الدرس الأكبر للشعوب ولزعمائها السياسيين.
يقول المؤرخ الفرنسي جاك بانفيل J Banville : ” ان رجل الدولة الذي يجهل التاريخ هو كطبيب الذي لم يتردد على المستشفى ولا على المستوصف ولم يدرس الاصابات ولا السوابق”.
ان التاريخ المعول عليه كمدرسة سياسية واجتماعية هو غير التاريخ التقليدي أو العادي الذي يكتفي بسرد الوقائع والأحداث الماضية ووصفها وترتيبها. فهذا النوع هو اخباري مجلل أحيانا ً بثوب أدبي أو فني، ولكنه لا يوصل القارىء الى معرفة الحقيقة الراهنة، لأن فيه من كل فن خبر، فيغرف المرء منه ما شاء من الأمثلة، تأييدا ً لنظرية خاصة أو دحضا ً لنظرية معاكسة.
Continue reading →
Like this:
Like Loading...
You must be logged in to post a comment.