بقلم: د. عبد الرؤوف سنو (*)
لكل شخص في لبنان قضية يُؤمن بها ويدافع عنها، وقد يهب حياتَه ثمناً لها، وهناك من يتخلى عن قضيته أو يبيعَها بفعل ظروف أو ضغوط أو من أجل جاه أو منصب أو حفنة من المال. فؤاد حداد من النوع الأول من الرجال الذي شكل لبنانَ قضيته الثابتة ودافع عنها بشجاعة وعِناد حتى الشهادة. هو شخصية فكرية بارزة شغلت الأندية الإعلامية والسياسية والثقافية في لبنان، حتى بعد رحيله.
يعترف فؤاد حداد بأنه ليس مؤرخاً، بل قارئاً جيداً للتاريخ، يطلّ من الماضي على الحاضر ليفهم المستقبل، ليخلص إلى أن لبنانَ هو قضية واحدة على مر العصور، حتى اليوم، قضية سحيقة العمق في التاريخ، وتعود إلى شعب تضرب حضارته في الأرض جذورها، عاش على الحرية، منذ أن أوجد الفينيقيون نظاماً سياسياً ديمقراطياً يقوم على الحريات الشخصية ومشاركة الشعب في الحكم. وهذا الشعب، وفق رأيه، عاش على رقعة جغرافية صغيرة فزاده ذلك تماسكاً، وجعله اقتصاده أن يلتفت إلى البحر ويعشقه، حاملاً أبجديته وتجارته ناشراً حضارته على ضفاف المتوسط، فكان وسيطاً للحضارة والتجارة، لأن البيئة الجغرافيةَ، برأي حداد، بحراً وجبلاً، بإيجابياتها وسلبياتها، هي التي صقلت شخصية شعب لبنان، بعدما تفاعل معها عبر التاريخ.
You must be logged in to post a comment.