د. طارق الشدياق – رئيس لجنة جبران الوطنيّة.
– القصد
ما قصدت في عجالتي هذه أن أذكّر فقط بضرورة العمل الدائم والمستمرّ من أجل بقاء هذا الوطن الذي نحبّ جميعاً. بقاؤه بثوابته، بقيمه، وبخصائصه التي تميّزه تمييزاً حاسماً عن الغير، فتحدّده في ذاته وتجعل منه وطن رسالة الى العالم أجمع. ولا قصدت فقط، أن أذكّر بضرورة إعادة فهم، وبالتالي العمل على حمل مقوّمات هذا الوطن الى صلب رسالته من خلال العمل على إنسانه ليكون مميّزاً وقادراً على حمل رسالة وطنه. ما قصدّته بالضبط إنّما هو تفكّر متواضع في دور لبنان هذا العظيم، عملت فيه على التركيز على أنّ رسالة لبنان للعالم والذي بات يعرف بأنّه أكثر من وطن، إنّما هي رسالة ديناميكيّة غير جامدة، قادرة على التطوّر والإرتقاء بشكل دائم لا يتوقّف، مع تطوّر وارتقاء المفاهيم الإنسانيّة التي ما زالت تتّجه نحو المطلق الأسمى، والتي وحدها تستحقّ التوقّف عندها، والعمل على ترسيخها وإظهارها وإزالة شوائبها أو ما هو مختلفٌ عليها وفيها.
إنّ مقولة “لبنان وطن رسالة” والتي دعانا لحملها البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني في إرشاده الرسولي “رجاء جديد من أجل لبنان”[1]، إنّما تعني، فيما تعنيه، الارتقاء بها الى أعلى درجات النبل الإنساني، والى عمق أعماق المحبّة الإنسانيّة السمِحة، المتفهّمة، المعطاءة من دون حدود والمكتفية بذاتها. هذا بالضبط ما سأحاول الإضاءة عليه فيما أنا أكتبه الآن. ولكن … أبادر فوراً للإشارة الى أنّ عجالتي ليست سياسيّة، أيّ أنّها ليست بحثاً سياسيّاً على أهميّة هذا النوع من البحوث، بل هي بالتحديد كيانيّة، تنبع من صلب المعنى الوجودي اللبناني وتثبته حقيقة راسخة لا تقبل المساومة[2]. وهي – عجالتي -لا تأتي الى السياسة، إذا ما أتت، إلاّ من باب الكيان، أمّا العكس فليس صحيحاً على الإطلاق. وسأوضح قصدي هذا من خلال نقطتين أساسيّتين تختصّان بالرسالة اللبنانيّة نفسها وبالوطن الذي يحملها.
You must be logged in to post a comment.